وقد أطال ابن القيم ﵀ في شرح مظاهر البر في قبول توبة العبد، وملخص ما قال:
شهود حلم الله في إمهال راكب الخطيئة، ولو شاء لعاجله بالعقوبة.
معرفة العبدِ كرمَ ربِّهِ في قبول العذر منه إذا اعتذر إليه، فيقبل عذره بكرمه وجوده، فيوجب له ذلك اشتغالًا بذكره وشكره، ومحبة أخرى لم تكن حاصلة له قبل ذلك، فإن محبتك لمن شكرك على إحسانك وجازاك به، ثم غفر لك إساءتك ولم يؤاخذك بها- أضعاف محبتك على شكر الإحسان وحده، والواقع شاهد بذلك؛ فعبودية التوبة بعد الذنب لون، وهذا لون آخر.
أن يشهد فضله في مغفرته، فإن المغفرة فضل من الله، وإلا فلو أخذك بمحض حقه كان عادلًا محمودًا، وإنما عفوه بفضله لا باستحقاقك، فيوجب لك ذلك- أيضًا- شكرًا له ومحبةً، وإنابةً إليه، وفرحًا وابتهاجًا به، ومعرفةً له باسم (الغفار) ومشاهدةً لهذه الصفة، وتعبدًا بمقتضاها، وذلك أكمل في العبودية، والمحبة والمعرفة (١).
وحري بمن عرف اسم الله البر ومظاهر بره وآمن به، أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، فيسأله وحده بره ورفقه.