للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا تنزه عن أن يكون له شريك في عبادته، قال تَعَالَى: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣١]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الطور: ٤٣]، وقال: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: ١٨].

فتبارك السبوح القدوس الذي لما انتفى عنه كل نقص ثبت له كل كمال؛ فكملت أوصافه وكثرت خيراته (١)، ولو تتبع المتتبع أوجه كماله وتسبيحه وتقديسه محاولًا استقصائها ما استطاع إلى ذلك سبيلًا؛ لأنها لا نهاية لها، كما قال النبي : «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (٢)، فشأنه وعظمته ونعوت كماله وصفاته أعظم وأجل من أن يحصيها أحد من الخلق، أو أن يبلغ أحد حقيقة الثناء عليه غيره سُبْحَانَهُ (٣).

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (السبوح القدوس) على التوحيد]

إذا علم العبد معنى اسم الله (السبوح القدوس) وما فيهما من تنزيه الرب عن النقائص والمعايب وعن كل ما لا يليق بجلاله، فعليه أن يعلم أن تسبيحه وتقديسه إنما يكون مع إثبات المحامد وصفات الكمال له سُبْحَانَهُ؛ وذلك لأن «النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٧٧).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٤٨٦).
(٣) ينظر: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل، لابن القيم (ص: ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>