للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر السادس: الحذر من اتصاف المخلوق بالقهر]

إذا تأمل العبد في اقتران اسم الله (القاهر) باسمه الحكيم الخبير؛ علم أن قهره -تبارك وتعالى- صفة كمال في حقه بخلاف المخلوق؛ إذ قهره عن جهل وسفه وظلم وعدوان، إضافة إلى كونه مربوبًا مقهورًا عاجزًا، تؤذيه البعوضة، وتشوشه الذبابة، ويأسره الجوع، ويصرعه الشبع، فمن كان كذلك كيف يليق به القهر والكبر والتجبر؟! (١).

بل إن اتصافه بذلك وتسميه بما يدل عليه محل نقص وصفة ذم نهى الله عنها، قال تَعَالَى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: ٩]؛ وذلك لقيامها على الظلم والطغيان، والتسلط على الضعفاء والفقراء، كما قال فرعون: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: ١٢٧] (٢).

وقد تتابعت النصوص في النهي عن الظلم والتحذير منه والتشنيع على صاحبه، ومن ذلك:

أن الله حرمه على نفسه وعلى عباده؛ فعن عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يروي عن الله -تبارك وتعالى-: «يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» (٣).

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعاذ من أن يظلم أو يظلم وأمر بذلك؛ فعن أم سلمة، قالت: مَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ


(١) شرح الأسماء، للرازي (ص: ١٩٩).
(٢) ينظر: النهج الأسمى، للنجدي (١/ ١٨٤).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>