للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليه فإن كل ما يتقرب به إلى الله سُبْحَانَهُ من صلاة وصيام وحج وصدقة وجهاد، وغيرها من أعمال البر المحدودة بالأعمار القصيرة، والتي يتخللها التقصير والسهو والنسيان، لا يمكن بحال أن تكون ثمنًا لدخول الجنة السرمدية، فدخول العبد الجنة والفوز بها إنما هو بفضل الله تَعَالَى ورحمته (١)، ولذا جاء في الحديث عن عائشة قالت: قال رسول الله : «سَدِّدُوا، وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا؛ فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ أَحَدًا عَمَلُهُ، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟، قال: وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ» (٢).

ولا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تَعَالَى: ﴿وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الزخرف: ٧٢] فالباء هنا ليست للعوض، فليست الجنة عوضًا للعمل، وإنما باء السببية، فمن أسباب دخول الجنة: العمل، وقيل: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ الأعمال التي قبلها الله برحمته.

الأثر الرابع: الله سُبْحَانَهُ يشكر أعمال عباده جملة وتفصيلًا:

فالله سُبْحَانَهُ يعطي المتاجرين معه أجرًا على العمل الصالح جملة مرة، وتفصيلًا مرة أخرى، وبيان ذلك ما يلي:

١) في عبادة الصلاة: يعطي عباده الأجر عليه جملة كما قال : «الصَّلاةُ الخَمْسُ، والجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ


(١) ينظر: النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى، للنجدي (١/ ٢٩٦)، ومنهج الإمام ابن القيم الجوزية في شرح أسماء الله الحسنى، لمشرف الغامدي (ص ٣٣٤).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>