[الأثر الرابع: التوكل على القدير، القادر، المقتدر والثقة به]
إذا آمن العبد باسم الله (القادر، القدير، المقتدر) وتيقن ما تضمنه من القدرة العظيمة التي لا يعجزها شيء في السماء والأرض، ثم نظر إلى مطالبه ومكارهه، وعلم أنها لا تخرج عن قدرة الله ﷿، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: ٢٨٤] حمله ذلك على صدق التوكل على القادر ﷿، والثقة به في جلب مطالبه، ودفع مكارهه، والتعلق به وحده سُبْحَانَهُ دون ما سواه، قال تَعَالَى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: ٩]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأنعام: ١٧](١).
كما يحمله- يقينه بقدرة الله- على عدم اليأس والقنوط من رحمته؛ فإنه سُبْحَانَهُ لا يتعاظم عليه شيء مهما عظم وكبر، فلا يتعظم عليه أن يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال بل قادر سُبْحَانَهُ على أن يبدلها حسنات، ولا يتعاظم عليه أن يرفع بلاء أو يكشف مصاب أو يدفع ضرًّا، فهو القادر سُبْحَانَهُ على أن يبدل المرض عافية، والألم راحة، والسهر نومًا، والخوف أمنًا، والفقر غنًى، والجوع شبعًا، والضعف قوة، والهزيمة نصرًا، وهو على كل شيء قدير.
وهذا اليقين بقدرة الله يحمل العبد- أيضًا- على الثقة بنصره ﷿ للمسلمين؛ إذ قدرته لا تعجز عن نصرهم ورفع المصائب والنكبات عنهم مهما كان ضعفهم وتأخرهم، كما لا تعجز عن قصم عدوهم وكبته مهما كانت قوته وتقدمه، قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ