للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تميل إلى محبة صاحب القدرة والعلم، والله تَعَالَى هو المقدم المؤخر بعلمه وقدرته، لا رادَّ لتقديمه أو تأخيره، ولا مُعَقِّبَ لحكمه.

[الأثر الخامس: التقدم الحقيقي هو التقدم في الطاعات]

إن التقدم الحقيقي النافع هو التقدم في طاعة الله ﷿ وجنته ومرضاته، والتأخر عن ذلك هو التأخر الحقيقي المذموم، فقد قال رسول الله : «لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ عَنِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ فِي النَّارِ» (١)، وقال : «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» (٢).

وفي كتاب الله: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٣]

أما التقدم في الدنيا والتأخر عنها فليس بمقياس للتقدم والتأخر؛ ولذا ينبغي للمسلم أن يتوسل إلى ربه سُبْحَانَهُ بهذين الاسمين الكريمين؛ لنيل التقدم الحقيقي عنده سُبْحَانَهُ، وترك كل ما يؤخر عن جنته ومرضاته.

يقول الإمام ابن القيم : «فالعبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق، وإما إلى أسفل، وإما إلى أمام، وإما إلى وراء، وليس في الطبيعة، ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع


(١) أخرجه أبو داود، رقم الحديث: (٦٧٩)، واللفظ له، وابن حبان، رقم الحديث: (٢١٥٦)، حكم الألباني: صحيح لغيره دون قوله: «فِي النَّارِ». السلسلة الضعيفة، رقم الحديث: (٦٤٤٢).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٥٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>