«فإذا جرَّد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله تَعَالَى، بل يفرد الله بالمخافة وقد أمنه منه وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد الله محبة وخشية وإنابة وتوكلًا واشتغالًا به عن غيره، فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه، … قال بعض السلف: من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه جملة، ومن أعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، ومن كان مرة ومرة فالله له مرة ومرة، فالتوحيد حصن الله الأعظم، الذي من دخله كان من الآمنين: قال بعض السلف: من خاف الله آمنه من كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء»(١).
الأثر الثالث: محبة ذي الفضل سُبْحَانَهُ:
إن العبد إذا عرف فضل الله ﷿، وآمن بأنه ذو الفضل العظيم؛ ازداد حبُّه لله، وعظم شوقه إلى لقائه، فيكون راجيًا فضل ربه، محسنًا الظن بخالقه ﵎.
[الأثر الرابع: الفرح بفضل الله تعالى]
فالله سُبْحَانَهُ يحب أن يرى فرح وسعادة عبده بكريم وجزيل فضله، يقول تَعَالَى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس: ٥٨].
يقول ابن القيم ﵀ في ذلك: «ففضله: الإسلام والإيمان، ورحمته: العلم والقرآن، وهو يحب من عبده: أن يفرح بذلك ويسر به، بل يحب من عبده: أن يفرح بالحسنة إذا عملها وأن يسر بها، وهو في الحقيقة فرح بفضل