للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الاقتران:

أن الله غني عن الشكر، كريم يعطي عن كرم، لا عن ارتقاب للشكر على العطاء، وفي هذا يقول ابن القيم : «الله سُبْحَانَهُ غني كريم، عزيز رحيم، فهو محسن إلى عبده مع غناه عنه، يريد به الخير، ويكشف عنه الضر، لا لجلب منفعة إليه من العبد، ولا لدفع مضرة، بل رحمة منه وإحسانًا» (١).

[الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (الغني)]

الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسم الله (الغني) من صفاته سُبْحَانَهُ، وتحقيق التوحيد له:

الغني سُبْحَانَهُ هو المستغني عن الخلق بذاته وصفاته وسلطانه، والخلق جميعًا فقراء إلى إنعامه وإحسانه، فهو سُبْحَانَهُ لم يخلق خلقه ليعتز بهم من ذلة، ولا ليرزقوه ولا لينفعوه ولا ليدفعوا عنه، ولا ليستأنس بهم من وحشة، ولا ليستكثر بهم من قلة، ولا لينصروه على عدو، ولكن خلقهم ليذكروه كثيرًا، ويعبدوه طويلًا، ويسبحوه بكرة وأصيلًا، فهو الذي لا يحتاج لأحد في شيء؛ لأنه المالك لكل شيء، المتصرف بمشيئته في خلقه أجمعين، خزائنه لا تنقص

ولا تنفد، يعطي من يشاء ما يشاء من فضله، ويقسم لكل مخلوق ما يخصه في رزقه، وفي الحديث القدسي الذي رواه مسلم من حديث أبي ذر الغفاري ،

أن النبي قال - فيما روى عن الله ﷿ أنه قال-: «يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي، إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ


(١) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>