للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله لا أعود إلى هذا! فبمحاسبتها يطلع على عيوبها ونقائصها فيسعي في إصلاحها» (١).

وأورثه كذلك الحرص على إصلاح باطنه والعناية به؛ فإن الناس وإن لم يروا إلا الظاهر، إلا أن (اللطيف) يرى باطنه، فلا يليق بالمؤمن أن يهمله.

[الأثر الثالث: لطف الله بعباده في المصائب والابتلاءات]

إن اللطف الذي يطلبه العباد من الله بلسان المقال، ولسان الحال هو من الرحمة، بل هو رحمة خاصة، فالرحمة التي تصل العبد من حيث لا يشعر بها أو لا يشعر بأسبابها هي اللطف، وعليه فمن لطف الله بعباده أن جعل المصائب بأنواعها، والمحن بأصنافها، والابتلاءات كلها، في حقيقتها رحمة من اللطيف ولطفًا، وسوقًا إلى مراتب النقاء والكمال، يقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢١٦].

ومن لطفه سُبْحَانَهُ: أن يوفق عبده في البلايا والمصائب بالقيام بوظيفة الصبر فيها، فيناله درجات عالية لا يدركها بعمله، وقد يشدد عليه الابتلاء بذلك كما فعل بأيوب ، ويوجِد في قلبه حلاوة روح الرجاء وتأميل الرحمة، وكشف الضر، فيخف ألمه وتنشط نفسه، ولهذا من لطف الله بالمؤمنين أن جعل في قلوبهم احتساب الأجر فخفت مصائبهم، وهان ما يلقون من المشاق في حصول مرضاته.

ومن لطفه سُبْحَانَهُ: أن يرزق أولياءه وقت المصيبة العظيمة السكينة والتثبيت، يقول ابن القيم : «وأصل السكينة هي الطمأنينة والوقار


(١) مدارج السالكين، لابن القيم (٢/ ٥١٠ - ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>