والواقع شاهد بذلك، فعبودية التوبة بعد الذنب لون، وهذا لون آخر.
ومنها: أن يشهد فضله في مغفرته، فإن المغفرة فضل من الله، وإلا فلو أخذك بمحض حقه، كان عادلًا محمودًا، وإنما عفوه بفضله لا باستحقاقك، فيوجب لك ذلك- أيضًا- شكرًا له ومحبة، وإنابة إليه، وفرحًا وابتهاجًا به، ومعرفة له باسمه الغفار ومشاهدة لهذه الصفة، وتعبدًا بمقتضاها، وذلك أكمل في العبودية، والمحبة والمعرفة.
ومنها: أن يكمل لعبده مراتب الذل والخضوع والانكسار بين يديه، والافتقار إليه» (١).
وبذلك يتضح تضمن اسم الله التواب لعدد كبير من أسماء الله وصفاته.
[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (التواب) على التوحيد]
من تأمل في اسم الله (التواب) علم أن الألوهية والربوبية لا تكون إلا له سُبْحَانَهُ، «فالتوبة عبادة لله وحده شأنها شأن العبادات الأخرى: كالصلاة، والاستغاثة، والاستعانة، والاستغفار؛ لا يجوز صرفها إلا إلى الله وحده، فلا يتاب إلى نبي مرسل ولا ملك مقرب، وقد قال الله ﷿ لرسوله ﷺ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨].
وعليه فلا يطلب العفو والغفران إلا منه سُبْحَانَهُ، ولا يقدر ولا يوفق إلى التوبة ويقبلها إلا هو، يقول الله ﷿: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: ٢٥]، ويقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٣٥].