فلله الحكمة البالغة في تقديم ما قدم وتأخير ما أخَّر، وأي أمر قدَّم أو أخَّر فإنما هو بعلم الله تَعَالَى وإرادته وحكمته البالغة، وهذا يشمل كل شيء قدم أو فضل على غيره، أو أخر عنه، ومن ذلك: تقديم الآجال وتأخيرها، وتقديم أو تفضيل بعض الأزمنة والأمكنة على بعضها، وتقديم بعض خلقه وتفضيلهم على بعض، وتقديم إيجاد شيء على شيء آخر، وتقديم عقوبة أقوام وتأخير آخرين، وكذلك فيما يحصل للمؤمن من تقديم أمر لا يحب تقديمه أو تأخير أمر يكره تأخيره، فإن مقتضى هذين الاسمين الكريمين ومقتضى حكمته سُبْحَانَهُ يجعل المؤمن يرضى ويسلم ويعتقد بأن الخيرة فيما اختاره الله له من تقديم أو تأخير، وقد يكون في ذلك الرحمة واللطف وهو لا يشعر.
الأثر الرابع: محبة الله المقدِّم المؤخِّر:
الإيمان بأنه سُبْحَانَهُ المقدم والمؤخر يثمر في قلب المؤمن محبة لله وحده، والتعلق به؛ لأنه مهما حاول البشر من تقديم أمر لم يرد الله ﷿ تقديمه، أو تأخير أمر لم يرد الله تَعَالَى تأخيره فلن يستطيعوا، وهذا يجعل القلب يتعلق بمحبة الله؛ لأنه وحده القادر على كل شيء، والنفس بطبيعتها