للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنأخذ من هذا منهجًا شرعيًّا جاءت به الشريعة وأقرته، ألا وهو منهج: التدرج والأناة في الأمر.

فرسول الله مكث ثلاثًا وعشرين سنة يبني المجتمع الإسلامي لبنة لبنة، قام طيلة هذه السنين يغرس العقيدة في النفوس، ثم تدرج في فرض الأحكام في العهد المدني، بل الفريضة الواحدة تدرج في فرضها، فالصلاة فُرضت أول ما فرضت ركعتين ركعتين ثم أقرت في السفر، وزيدت في الحضر على أربع للظهر والعصر والعشاء، وكذا الصيام فرض أولًا على التخيير من شاء صام ومن شاء أفطر وفدى، ثم فرض على الإلزام.

وحصل التدرج- أيضًا- في التحريم، فالخمر أول ما حرم حرم أوقات الصلوات فقط، ثم حرم مطلقًا، فعلي المسلم أن يلتزم هذا المنهج ويسلكه في حياته ويرفع من قيمة «الإنجاز المتدرج».

[الأثر الثامن: الدعاء باسم (فاطر السماوات والأرض)]

أمر الله عباده أن يدعوه على وجه الخصوص باسمه فاطر السموات والأرض، فقال سُبْحَانَهُ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [الزمر: ٤٦].

قال سعيد بن جبير : «إني لأعرف آية ما قرأها أحد قط، فسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه: قوله تَعَالَى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [الزمر: ٤٦]». (١)


(١) تفسير القرطبي (١٥/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>