للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله جميعًا، وأن أندادهم ليس فيها، ولا له من القوة شيء، لا كما اشتبه عليهم في الدنيا، وظنوا أن لها من الأمر شيئًا، وأنها تقربهم إليه وتوصلهم إليه، قال تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ١٦٥] (١).

ما يحدثه لأهل النار من أنواع العقاب وأهل الجنة من أنواع الثواب، وأصناف النعيم المستمر الكثير المتتابع الذي لا ينقطع، ولا يتناهى، فسبحان القوي المتين الذي لا انقطاع لقوته ولا نهاية لها.

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (القوي، المتين) على التوحيد]

إذا علم العبد أن ربه القوي المتين، وأن كل من دونه ليس له شيء من الحول ولا القوة، فلا تحول له من مرض إلى صحة، ولا من وهنٍ إلى قوة، ولا من نقصان إلى كمال وزيادة إلا بالله القوي المتين، ولا قوة له في جلب خير، ولا دفع ضر، ولا القيام بشأن من شؤونه، أو تحقيق هدفٍ من أهدافه أو غاية من غاياته إلا بالله القوي المتين (٢)، ولا قدرة له على خلق شيء ولو كان ذبابًا أو بعوضًا، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: ٧٣]- قاده ذلك العلم إلى توحيد الله في العبادة؛ إذ كل ما سواه شأنه ما ذكر، فكيف يتخذ إلهًا يعبد؟ وكيف يجعل مثلَ الله القوي ويشرك معه؟


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٨٠).
(٢) ينظر: فقه الأدعية والأذكار (١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>