[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (السلام) على التوحيد]
اسم الله السلام دال على سلامته ﷻ من الشريك والند في الربوبية والألوهية؛ إذ كل من دونه أيًّا كان فيه ما فيه من النقائص والعيوب التي تمنع كونه ربًّا أو إلهًا يعبد، وبالمقابل هو سُبْحَانَهُ سلام سلم من كل نقص وعيب؛ فاستحق بذلك أن يفرد بالربوبية والألوهية، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الحشر: ٢٣].
ثم إن اسم الله (السلام) دال على ثبوت صفات الكمال له بطريق اللزوم، فانتفاء العيب والنقص يلزم منه ثبوت الكمال كله؛ إذ انتفاء العيب والنقص ليس فيه مدح ولا كمال إلا إذا تضمن إثباتًا، فهو عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء فضلًا عن أن يكون مدحًا أو كمالًا (١).
وإذا ثبتت صفات الكمال وسلم فيها سُبْحَانَهُ من كل نقص وعيب؛ كان بهذا واحدًا فيها لا مماثل له ولا مناظر، قال تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، وبهذا كان اسم ربنا (السلام) دالًّا على أنواع التوحيد الثلاثة: الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.
[الأثر الثالث: تسليم السلام لعباده المؤمنين في أمور دنياهم وأخراهم]
فمن مظاهر تسليم الله لعباده المؤمنين في أمور دنياهم ما يلي:
- تسليمهم من شر أعدائهم وبطشهم، كما سلم سُبْحَانَهُ إبراهيم ﵇ من كيد قومه؛ إذ جمعوا الحطب الكثير، وأضرموا النيران فيها، ثم ألقوه فيها، فسلمه الله من
(١) ينظر: التدمرية، تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع، لابن تيمية (ص: ٥٧).