للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة بصفات الكمال والجلال التي منها الهيمنة، وهذه الصفات لا تكون إلا له سُبْحَانَهُ، فإنها وإن وجدت في مخلوق فلا توجد مجتمعه، كما أنها لا توجد على صورة الكمال بل فيها من النقائص والمعايب ما فيها.

وبهذا يعلم أنه لا أحد كائن من كان يستحق من العبادة مثقال ذرة، وإنما هي خالصه له -سبحانه وتعالى- عما يشركون (١).

[الأثر الثالث: الإيمان بهيمنة القرآن]

امتن الله -عز وجل- على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن، وجعله مهيمنًا على سائر الكتب المتقدمة، كما قال تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ} [المائدة: ٤٨]، وذلك يعني:

١ - أنه أمين على كل كتاب قبله وحافظ له؛ وذلك بحفظه لأصول ما في تلك الكتب من عقائد وشرائع، كما قال تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥]، وقال سُبْحَانَهُ: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦].

٢ - أنه شاهد على الكتب قبله؛ وذلك من جهة:

أ - شهادته عليها بالصحة والثبات، كما قال تَعَالَى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا


(١) تفسير السعدي (ص: ٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>