وفيه إشارة إلى الدعاء عليه بما يثبطه عن السعي والحركة وسوغ الدعاء عليه؛ كونه قصر عمله على جمع الدنيا واشتغل بها عن الذي أمر به من التشاغل بالواجبات والمندوبات» (١).
[الأثر الخامس: قصد الله الصمد في جميع الحاجات]
لما كان ربنا ﷿ صمد، متصف بالكمال المطلق، فلا شيء فوقه، ولا شيء يعجزه، ولا شيء يفقره؛ صمدت إليه جميع المخلوقات، وقصدته كل الكائنات، وفزع إليه العالم بأسره، أهل سمائه وأرضه، صغيره وكبيره، ذكره وأنثاه، غنيه وفقيره، مسلمه وكافره، فالكل مفتقر إليه غاية الافتقار، قاصد إياه في جميع أحواله وشؤونه في أمر دينه ودنياه وآخرته، طارق بابه في مطالبه ومساعيه الضروري منه، والحاجي، والكمالي، يسأله بلسان الحال والمقال، لا يستغني عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك فلا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه، إليه وحده المفر، وفيه المرغب والمطمع، قال تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ [الرحمن: ٢٩].
وهؤلاء الأنبياء والمرسلين صمدوا إليه في مختلف أحوالهم، فسألوه في حال عبادتهم، كما قال تَعَالَى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧].
(١) فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر (١١/ ٢٥٤).