للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ، فَقَالُوا: وَاللهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ، قَالَ: فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ، قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى بِإِثْرِهِ، يَقُولُ: ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ، حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى، قَالُوا: وَاللهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ، فَقَامَ الْحَجَرُ حَتَّى نُظِرَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ، ضَرْبُ مُوسَى بِالْحَجَرِ، ونزل قول الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ [الأحزاب: ٦٩]» (١).

حياء مكتسب، ويكتسب الإنسان الحياء بقدر معرفته بالله، وقربه منه، وإيمانه باطلاع الله على خائنة العين وما يخفي الصدر، وحُكي عن بعض السلف: «خَفِ اللَّهَ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَيْكَ، وَاسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ فِي قُرْبِهِ مِنْكَ» (٢).

ثانيًا: تقسيم الحياء من حيث النوع:

قسمه ابن القيم إلى عشرة أقسام:

حياء الجناية: فمنه حياء آدم لما فرَّ هاربًا في الجنة، قال الله تَعَالَى: «يَا آدَمُ فِرَارًا مِنِّي؟ قَالَ: بَلْ حَيَاءً مِنْكَ سَيِّدِي» (٣).

٢ - حياء التقصير: كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة قالوا: سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك.


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٤٠٤)، ومسلم، رقم الحديث: (٣٣٩).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في الهواتف، رقم الحديث: (٢٣).
(٣) أخرجه ابن ابي الدنيا في الرقة والبكاء، رقم الحديث: (٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>