للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلدة ليس فيها زرع ولا شجر، ولكن يسَّر الله لها الرزق يأتيها من كل مكان، فجاءهم رسول منهم يعرفون أمانته وصدقه، يدعوهم إلى أكمل الأمور، وينهاهم عن الأمور السيئة، فكذبوه وكفروا بنعمة الله عليهم، فأذاقهم الله ضد ما كانوا فيه، وألبسهم لباس الجوع الذي هو ضد الرغد، والخوف الذي هو ضد الأمن؛ وذلك بسبب صنيعهم وكفرهم وعدم شكرهم قال تَعَالَى: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [النحل: ٣٣] (١).

ولذا كان النبي ﷺ يستعيذ من زوال النعمة في دعائه، كما جاء في حديث ابن عمر ﵄، قال: كان من دعاء النبي ﷺ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ» (٢).

[الأثر السابع: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»]

قال ابن الأثير ﵀ في شرح حديث: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» (٣): «معناه أن اللهتَعَالَى لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس، ويكفر أمرهم؛ لاتصال أحد الأمرين بالآخر، وقيل معناه: أن من كان عادته وطبعه كفران نعمة الناس وترك شكره لهم؛ كان من عادته كفر نعمة الله ﷿ وترك الشكر له، وقيل: معناه أن من لا يشكر الناس كان كمن لا يشكر الله ﷿، وأن شكره كما تقول: لا يحبني من لا


(١) تفسير السعدي (ص: ٤٥١).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٣٩).
(٣) أخرجه أحمد، رقم الحديث: (٩١٥٦)، وأبو داود (٤٨١١)، والترمذي، رقم الحديث: (١٩٥٤)، حكم الألباني: صحيح، صحيح وضعيف سنن الترمذي، رقم الحديث: (١٩٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>