وكما أنه وتر في ذاته سُبْحَانَهُ، فهو الوتر الذي انفرد في صفاته، فهو العزيز بلا ذل، والقدير بلا عجز، والقوي بلا ضعف، والعليم بلا جهل، وهو الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا ينام، والواحد الأحد الذي لا يشبهه أحد من الخلق، فهو ﷻ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وقد قال سُبْحَانَهُ عن نفسه: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥] ومن آمن بهذا أفرد الله بالعبادة، ووحَّده ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٩١]
ونَزَّهَهُ عن المشابهة والمماثلة، فهو الوتر الذي لا مثيل ولا شريك له، ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا﴾ [الإسراء: ١١١] ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]
الأثر الثاني: استشعار أن كثير من العبادات والطاعات شُرعت وترًا:
يقول القرطبي ﵀ معلقًا على حديث:«وَهُوَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ»(١): «الظاهر أن الوتر هنا للجنس؛ إذ لا معهود جرى ذكره حتى يحمل عليه، فيكون معناه أنه: يحب كل وتر شرعه، ومعنى محبته له: أنه أمر به، وأثاب عليه … قال أبو العباس القرطبي: والوتر يراد به التوحيد، فيكون المعنى: إن الله- في ذاته وكماله وأفعاله- واحد، ويحب التوحيد، أي: يوحد ويعتقد انفراده دون