للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثر الثالث: كل ما في الكون يحمد الله سُبْحَانَهُ:

يقول السعدي عند تفسيره لقوله تَعَالَى-: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤]، «أي: من حيوان ناطق وغير ناطق، ومن أشجار ونبات وجامد، وحي وميت ﴿إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ بلسان الحال، ولسان المقال، ﴿وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم، بل يحيط بها علام الغيوب» (١).

كما ثبت في صحيح البخاري عن ابن مسعود أنه قال: «وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ» (٢)، ويقول سُبْحَانَهُ- في موضع آخر-: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ [الحج: ١٨]، ومن تأمل هذه الآية بقلبه علم أن الخلائق كلها ما أدركناه وما لم ندركه، والأفلاك والأجرام جميعها ماعلمناه، وما لم نعلمه، والجبال والأشجار والدواب، كل تلك الحشود تسير في موكب واحد خاشع تسجد كلها لله، وتتجه له وحده دون سواه، إلا ذلك الإنسان، فهو وحده الذي اختلف حاله وانقسم مصيره، ﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ [الحج: ١٨].

وإنما كان كل ما في الكون حامدًا لله؛ لأنه ملك له، فعمومية الحمد بعمومية الملك.


(١) تفسير السعدي (١/ ٤٥٨).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٣٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>