للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا الآجل، قال تَعَالَى: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [يونس: ١٠٧] علم بهذا أن الرحمن الرحيم هو الرب الواحد المستحق لجميع أنواع العبادة، وأن يفرد بالمحبة والخوف، والرجاء، والتعظيم، والتوكل، وغير ذلك من أنواع الطاعات، قال تَعَالَى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [الحشر: ٢٢]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] (١).

قال الشيخ السعدي : «ففي هذه الآية، إثبات وحدانية الباري وإلهيته، وتقريرها بنفيها عن غيره من المخلوقين، وبيان أصل الدليل على ذلك، وهو إثبات رحمته التي من آثارها وجود جميع النعم، واندفاع [جميع] النقم، فهذا دليل إجمالي على وحدانيته تَعَالَى» (٢).

[الأثر الثالث: الرجاء والتعلق برحمة الرحمن الرحيم]

إذا نظر الإنسان في سعة رحمة الله وعظمتها؛ أثمر ذلك في نفسه الرجاء وعدم اليأس من رحمة الله ومغفرته؛ إذ إنه سُبْحَانَهُ علم ضعف عباده وعجزهم وسرعان سقوطهم واغترارهم وانحرافهم عن الصراط، لا سيما أن نفوسهم ركب فيها الميل للشهوات، وتسلط عليهم الشيطان وقعد لهم بالمرصاد، يأخذ عليهم كل طريق، ويجلب عليهم بخيله ورجله، ويجدُّ كل الجدِّ في إضلالهم وإيقاعهم في السوء، فلا خلاص لهم من الذنوب والزلات، وكل ابن آدم خطاء.


(١) ينظر: تفسير الطبري (٣/ ٢٦٦)، تفسير السعدي (ص: ٧٧).
(٢) تفسير السعدي (ص: ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>