للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه لا بد أن يعلم أن الرحمة المضاف إليه قسمان:

١ - رحمة ذاتية يتصف بها على وجه يليق بجلاله وعظيم سلطانه، وهذه الرحمة يجب إثباتها لله ﷿ من غير تعطيل ولا تحريف ولا تكييف ولا تمثيل- كما تقدم-.

٢ - رحمة مخلوقه أنزل الله منها رحمة واحدة، يتراحم بها الخلائق، وأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة، كما جاء في الحديث: «إِنَّ للهِ مِائَةَ رَحْمَةٍ أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجِنِّ والإِنْسِ والبَهَائِمِ والهَوَام، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وَبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ» (١).

ومن هذه الرحمة: ما جاء في الحديث، أن الله ﷿ قال عن الجنة: «أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ» (٢)، وسميت بذلك؛ لأنها خلقت بالرحمة وللرحمة، وخص بها أهل رحمة الله، وإنما يدخلها الرحماء.

فهذه الرحمة ليست صفة لله ﷿، بل هي من آثار اتصافه بالرحمة الذاتية، وإنما أضيفت له من باب إضافة المخلوق للخالق.

ثم إذا تقرر اتصاف الله ﷿ بالرحمة وتيقن العبد ذلك وتأمله، وجد أن الخلق إنما وجدوا برحمة الرحمن الرحيم، وإنما جلبت النعم لهم برحمته، ودفعت عنهم النقم برحمته، وليس لأحد من الخلق نفع ولا ضر في العاجل


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>