{وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[الحجر: ٥٦]، وقال يعقوب -عليه السلام-، مع أن عود يوسف إليه أشبه بالمحال:{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف: ٦٤]، وقال:{يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: ٨٧].
وضد ما سبق من الأمل والرجاء: القنوط من رحمة الله واليأس من روحه، وهما من كبائر الذنوب، ومن علامات الكفر والضلال، قال تَعَالَى:{قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ}[الحجر: ٥٦]، وقال سُبْحَانَهُ:{وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}[يوسف: ٨٧]، فعلى المسلم أن يحذر من أن يتسلل اليأس إليه وينسيه رحمة أرحم الرحمين.
[الأثر الرابع: عدم الاغترار برحمة الله]
إذا تيقن العبد رحمة ربه الرحمن الرحيم وسعتها، فلا بد أن يضم لهذا العلم علمًا آخر، وهو: أنه سُبْحَانَهُ شديد العقاب، شديد المحال، ذو البطش الشديد، والعذاب الأليم، قال تَعَالَى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: ٤٩، ٥٠].
فإذا علم العبد هذا؛ لم يغتر برحمة الله، بل جمع بين رجاء الرحمة، وخوف العقاب كما جمع الله بينهما في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، قال تَعَالَى:{إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: ١٦٥]، وقال سُبْحَانَهُ:{اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٩٨]، وقال تَعَالَى:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ}[الرعد: ٦] إلى غير ذلك من الآيات.