للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى تقوي الإيمان وتحقق التوحيد، وتورث خشية الله]

فهناك تلازم وثيق بين إثبات الأسماء والصفات لله وتوحيد الله تَعَالَى، فكلما حقق العبد أسماء الله وصفاته علماً وعملاً كان أعظم وأكمل توحيداً، وفي المقابل: فإن هناك تلازماً وطيداً بين إنكار الأسماء أو الصفات، وبين الشرك.

يقول ابن القيم في تقرير هذا التلازم: «كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كماله - أو بعضه - وظن السوء به لما أشرك به، كما قال إمام الحنفاء وأهل التوحيد لقومه: ﴿أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٨٧)[الصافات: ٨٦ - ٨٧].

أي فما ظنكم به أن يجازيكم، وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟ أظننتم: أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم: أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده، حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بها كالملوك؟ أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم، أم هو قاس؛ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ أم ذليل؛ فيحتاج إلى ولي يتكثر به من القلة، ويتعزز به من الذلة؟ أم يحتاج إلى الولد؛ فيتخذ صاحبة يكون الولد منها ومنه؟ تَعَالَى الله عن ذلك كله علوا كبيرا، والمقصود: أن التعطيل مبدأ الشرك وأساسه، فلا تجد معطلا إلا وشركه على حسب تعطيله، فمستقل ومستكثر» (١)

يقول الشيخ السعدي في تقرير التوحيد بالإيمان بأسماء الله وصفاته: «إن


(١) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، (٣/ ٣٢٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>