للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثامن: الدعاء باسم الله الحي القيوم]

جاء في جملة من الأحاديث ما يدل على عظم هذين الاسمين والدعاء بهما مجتمعين، ومنها:

عن أنس بن مالك ، قال: «كَانَ النَّبِيُّ إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» (١).

وهناك مناسبة بين التوسل بهذين الاسمين، وبين كشف الكرب والضيق، قال ابن القيم : «وفي تأثير قوله: (يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث) في دفع هذا الداء مناسبة بديعة؛ فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال، مستلزمة لها، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال، … والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم، ولا غم، ولا حزن، ولا شيء من الآفات، ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومية، فكمال القيومية لكمال الحياة، فـ (الحي) المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة، و (القيوم) لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة، ويضر بالأفعال» (٢).

وعن ابن عباس ، أن رسول الله كان يدعو بهما قائلًا: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» (٣).


(١) سبق تخريجه.
(٢) زاد المعاد (٤/ ٢٠٥).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>