للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله، ولو تعوض عنها بما تعوض مما في الدنيا، بل ليست الدنيا بأجمعها عوضًا عن هذه الحياة، فمن كل شيء يفوت العبد عوض، وإذا فاته الله لم يعوض عنه شيء ألبتة» (١).

[الأثر الرابع: الاعتزاز بالله والتوكل عليه]

إذا تأمل العبد في اسم (الله) ، وما فيه من صفات الكمال؛ إذ هو خالق كل شيء ومالكه، ومدبر أمره، والخاضع له كل شيء الملك والمملوك، والعزيز والذليل، والغني والفقير، والقوي والضعيف، والكبير والصغير.

إذا تأمل هذا شعر بالعزة به سُبْحَانَهُ؛ فتعلق به وحده، وسقط من قلبه الخوف والهيبة من الخلق والتعلق بهم، فلم يعتز ولم يحتم إلا به ، ولم يتوكل إلا عليه، قال تَعَالَى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾ [فاطر: ١٠]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [هود: ٥٦]، فكل من عداه مدبَّر، لا يملك حولًا ولا قوة، ومصيره الفناء؛ فكم من بشر اعتز بماله فما لبث أن ضاع ذلك المال فضاع، وكم من بشر اعتز بسلطانه فجاءت النهاية بزوال سلطانه، فما كان منه إلا أن قال: ﴿يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ﴾ [الحاقة: ٢٥ - ٢٩]. (٢)


(١) ينظر: الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، لابن القيم (ص: ٨٤).
(٢) ينظر: المرجع السابق (ص: ٨٩ - ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>