للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه امرأة سوداء لبعض العرب، أعتقها أهلها، فكانت تأتي للمسجد فتتحدث عند النساء، فإذا فرغت من حديثها قالت:

وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا … أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الْكُفْرِ أَنْجَانِي

فلما أكثرت من ذلك قالت لها عائشة : وما يوم الوشاح؟ قالت: خرجت جويرية لبعض أهلي، وعليها وشاح أحمر، فسقط منها، فانحطت عليه الحديا وهي تحسبه لحمًا، فأخذته فاتهموني به، فعذبوني، حتى بلغ من أمري أنهم طلبوا في قبلي، فبينا هم حولي وأنا في كربي، إذ أقبلت الحديا حتى وازت برؤوسنا ثم ألقته، فأخذوه، فقلت لهم هذا الذي اتهمتموني به و أنا منه بريئة، وهو ذا هو، وجاءت إلى رسول الله فأسلمت» (١).

الأثر الخامس: مراقبة الله المهيمن (٢):

إذا تقرر عند العبد أن ربه المهيمن مطلع على خفايا الأمور، وخبايا الصدور، وظاهر الأقوال والأفعال، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه: ٧]، وقال: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ [الأحزاب: ٥٢] شاهد عليها وعلى خلقه بما صدر منهم لا يضل ولا ينسى، ولا يغفل عن شيء منها ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [المجادلة: ٦]، أثمر ذلك في نفسه مراقبة «المهيمن» ، فيرقب قوله وفعله وخطره وفكره؛ حذرًا من مشاهدة المهيمن له وقد واقع ما لا يرضيه.


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٤٣٩).
(٢) للاستزادة يراجع ملحق (المراقبة).

<<  <  ج: ص:  >  >>