للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيده، لم ينصرفوا إلا غانمين سالمين كالطير لكن اعتمدوا على قوتهم وكسبهم، وذلك ينافي التوكل» (١).

ومن هنا يعلم الفرق بين التوكل والتواكل، فالتوكل فيه أخذ للأسباب المشروعة، أما التواكل فهو ترك الأسباب، وقد قال عمر بن الخطاب : «يرفع أحدكم يديه إلى السماء يقول: يارب … يارب … وهو يعلم أن السماء لاتمطر ذهبًا ولا فضة» (٢).

ثانيًا: منزلة التوكل وفضله:

التوكل على الله ﷿ مقام جليل عظيم، بل ومن أعظم مقامات الدين، وأفضل الأعمال والعبادات المقربة إلى الله ﷿، ومما يدل على عظيم منزلته في الدين: أمور عدة، منها:

١ - أن التوكل نصف الدين؛ فالدين توكل وعبادة، قال تَعَالَى: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]، والتوكل شامل للاستعانة؛ إذ الاستعانة تكون على الأعمال خاصة، والتوكل أعم من ذلك، فيكون التوكل لذلك ولجلب منفعة، ودفع مضرة (٣).

٢ - أن التوكل مطلوب في كل أحوال العبد، سواء كانت دينية أو دنيوية مباحة، ويدل على ذلك: عموم الأدلة الآمرة بالتوكل، قال تَعَالَى: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [التغابن: ١٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ [الأحزاب: ٣].


(١) التيسير بشرح الجامع الصغير، للمناوي (٢/ ٣٠٦).
(٢) إحياء علوم الدين (٢/ ٦٢).
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى (٨/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>