للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: ٣٩ - ٤٠]» (١).

فطرها وعاقب بين ليلها ونهارها، إذا جاء هذا ذهب هذا، وإذا ذهب هذا جاء هذا، لا يتأخر عنه شيئًا، كما قال تَعَالَى: ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ [الأعراف: ٥٤]، وقال تَعَالَى: ﴿لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ﴾ [يس: ٤٠]، وقال تَعَالَى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [الأنعام: ٩٦].

كل ذلك بإتقان وإحكام عجيب لا يرى فيه عيب، ولا خلل ولا إخلال ﴿صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: ٨٨] (٢).

وقد ضرب الله ﷿ صورة من صور إتقانه لخلقه، فقال سُبْحَانَهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ﴾ [الملك: ٣ - ٤] سبع سموات كل واحدة فوق الأخرى لا يرى فيها خلل ولا نقص، ولو كرر العبد النظر إليها والتأمل في أرجائها لعله يجد خلالًا؛ لعاد بصره عاجزًا عن أن يرى خللًا أو فطورًا (٣).

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (فاطر السماوات والأرض) على التوحيد]

إذا تأمل العبد أن الله فاطر السماوات بارتفاعها وصفائها، وما فيها من الكواكب النيرة والنجوم الزاهرة، وفاطر الأرض بقوتها وثباتها، وما فيها من


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٢٤٨).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٥٢٣).
(٣) ينظر: المرجع السابق (ص: ٨٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>