للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثر الثاني: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦]: كتب الله تَعَالَى على خلقه الفناء، وكتب على نفسه البقاء، يقول تَعَالَى: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٦ - ٢٧].

وفي تفسير هذه الآية يقول الشيخ السعدي : «كل من على الأرض، من إنس وجن، ودواب، وسائر المخلوقات، يفنى ويموت ويبيد ويبقى الحي الذي لا يموت ﴿ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: ٢٧] أي: ذو العظمة والكبرياء والمجد، الذي يعظم ويبجل ويجل لأجله، والإكرام الذي هو سعة الفضل والجود، والداعي لأن يكرم أولياءه وخواص خلقه بأنواع الإكرام، الذي يكرمه أولياؤه ويجلونه، ويعظمونه ويحبونه، وينيبون إليه ويعبدونه» (١).

والقلب إن استحضر حقيقة فناء كل المخلوقات، وبقاء رب البريات وحده ؛ فَهِمَ القاعدة الربانية التي هي أساس الخلق، فالله سُبْحَانَهُ لم يجعل الدنيا دار مقر، وإنما جعلها دار ممر، الرابح فيها من صلح زرعه، والخاسر من فسد ثمره، فالرابح قد أصلح زرعه في الدنيا؛ ليقطف ثمره في الآخرة، وأخلص العمل لذي الجلال والإكرام، الذي يجل من أطاعه ويكرمه في الدنيا والآخرة، ورغب فيما عنده من الثواب، وخشي ما عنده من العقاب.


(١) تفسير السعدي (ص: ٨٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>