لقد حث الرب سُبْحَانَهُ عباده على الرجاء وحسن الظن به وعدم اليأس من رحمته، فقال تَعَالَى في كتابه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧]، وقال تَعَالَى: ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: ٥٣].
يقول ابن القيم ﵀:«فمن كان رجاؤه هاديًا له إلى الطاعة، وزاجرًا له عن المعصية فهو رجاء صحيح، ومن كانت بطالته رجاء، ورجاؤه بطالة وتفريطًا فهو المغرور، ولو أن رجلًا كانت له أرض يؤمل أن يعود عليه من مغلها ما ينفعه، فأهملها ولم يبذرها ولم يحرثها، وحسن ظنه بأنه يأتي من مغلها ما يأتي من حرث وبذر وسقى وتعاهد الأرض، لعده الناس من أسفه السفهاء.
وكذلك لو حسن ظنه، وقوي رجاؤه، بأن يجيئه ولد من غير جماع، أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب للعلم وحرص تام عليه، وأمثال ذلك، فكذلك من حسن ظنه، وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلا والنعيم من غير تقرب إلى الله تَعَالَى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وبالله التوفيق» (١).
اللهم تب علينا، واغفر لنا خطايانا وجهلنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أعلنَّا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير.