للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكي عن بعض السلف: «خَفِ الله على قدر قدرته عليك، واستَحِ منه على قدر قربه منك»، وقد يتولد الحياء من الله من مطالعة النعم، فيستحيي العبد من الله أن يستعين بنعمته على معاصيه، فهذا كله من أعلى خصال الإيمان (١).

[الأثر الرابع: محبة الحيي الستير]

الإيمان باسمي الله الحيي الستير يورث في القلب محبة الله، وذلك بما يقتضيه معناهما من الحلم، والكرم، والعفو، والحياء، والستر منه سُبْحَانَهُ على عباده، وحق لمن هذه صفاته أن يجرد له الحب كله، والإخلاص، والتعظيم، والحمد والثناء، واللهج بشكره والتقرب إليه بطاعته.

الأثر الخامس: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ» (٢):

فالله سُبْحَانَهُ يكره من عبده إذا ابتلي بمعصية أن يذيعها ويشهرها، بل يدعوه إلى أن يتوب إلى الله منها، وسترُ الله مسبولٌ عليه، وعليه أن لا يُظهِرَها لأحد من الناس.

وقد جاءت السُّنَّة بالنهي عن هتك الإنسان ستر نفسه، فالمجاهر بالمعاصي لا يعافى منها أو من عقوبتها، يقول : «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» (٣).


(١) فتح الباري، لابن رجب (١/ ٩٦).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٠٦٩)، ومسلم، رقم الحديث: (٢٩٩٠).
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>