للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تيقن العبد هذا؛ أحب الله القوي المتين غاية الحب وأعظمه، فذلك من صفات أهل الإيمان، قال تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: ١٦٥].

[الأثر السادس: اتصاف المؤمن بالقوة]

الله -عز وجل- القوي المتين، ويحب من عباده القوة فيما شرع لهم من الطاعات وأباح لهم من المنافع؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» (١)، وقد أثنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عمر بن الخطاب؛ لقوته في دين الله، فقال: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي دِينِ اللهِ عُمَرُ … » (٢).

والقوة تختلف في كل شيء بحسبه؛ ومن ذلك:

القوة في الدين: القيام بما أوجب الله على أتم الوجوه وأكملها، مع الزيادة عليها بفعل النوافل التي شرعها الله، واجتناب ما حرم الله، مع العزيمة الصادقة والحزم المتين والصبر الجميل أمام المغريات والشهوات (٣)، قال الإمام النووي -رحمه الله- في تفسير قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والْمُؤْمِنُ


(١) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٦٦٤).
(٢) أخرجه ابن ماجه، رقم الحديث: (١٥٤)، حكم الألباني: صحيح، صحيح الجامع الصغير وزيادته، رقم الحديث: (٨٦٨).
(٣) ينظر: شرح رياض الصالحين، لابن عثيمين (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>