للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن وجوده بين يديه غنيمة وفرصة للبذل والعطاء، قبل أن ينتقل من يده ويصير إلى غيره، ويحال بينه وبين الإنفاق؛ فيتحسر على تفريطه، ويتمنى أن لو أنفق (١)، يقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [المنافقون: ١٠ - ١١].

[الأثر الثامن: طلب الإرث الحقيقي (العلم)]

الله ﷿ الوارث امتن على أمة محمد بأن أورثهم الكتاب، مهيمنًا على كل كتاب، قال تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾ [فاطر: ٣٢] «هو الفضل الكبير، الذي جميع النعم بالنسبة إليه، كالعدم، فأجلُّ النعم على الإطلاق، وأكبر الفضل: وراثةُ هذا الكتاب» (٢).

ومعنى وراثة الكتاب: وراثة علمه وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه، والكل من الأمة له نصيب من ذلك، وإن تفاوتت المراتب، وتمايزت الأحوال.

فإذا علم العبد هذا لم يرض بأن يكون نصيبه من هذا الفضل الكبير أقله وأدناه، بل سعى ليكون أكثره وأوفاه، فتجده يقبل على الكتاب تلاوة، وحفظًا، وفهمًا وتدبرًا، وعملًا، وتعليمًا ودعوة، ويقبل على العلم الذي يعين على فهمه، ومعرفة عقائده وأحكامه، وعبره وأخباره.


(١) ينظر: تفسير السعدي (ص: ١٥٨ - ١٥٩، ٨٣٨ - ٨٣٩).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>