للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعظم من ذلك: رؤية وجهه ، كما قال تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] وذلك؛ «لأن الإحسان هو أن يعبد المؤمن ربه في الدنيا على وجه الحضور والمراقبة، كأنه يراه بقلبه وينظر إليه في حال عبادته، فكان جزاء ذلك النظر إلى الله عيانًا في الآخرة، وعكس هذا ما أخبر الله تَعَالَى به عن جزاء الكفار في الآخرة: ﴿إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: ١٥]، وجعل ذلك جزاء لحالهم في الدنيا، وهو تراكم الران على قلوبهم، حتى حجبت عن معرفته ومراقبته في الدنيا، فكان جزاؤهم على ذلك أن حجبوا عن رؤيته في الآخرة» (١).

ثالثًا: وسائل تحقيق المراقبة:

يمكن للعبد أن يصل لمراقبة الله ﷿ من خلال عدة أمور، منها:

١ - العلم بالله ﷿ وأسمائه وصفاته؛ فإن العبد كل ما كان بالله أعلم كان له أخشى، كما قال تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨] (٢)، وتوجب له هذه الخشية مراقبته سُبْحَانَهُ في أقواله وأفعاله، وحركاته وسكناته.

ومن ذلك: استحضار معاني الأسماء الحسنى التي تورث مقام المراقبة، كالرقيب، والحفيظ، والعليم، والخبير، والشهيد، والمحيط، واللطيف، والقريب إلى غير ذلك من الأسماء التي إذا أدرك العبد معناها وتعبد ربه بمقتضاها، فإن ذلك يؤدي به إلى تحصيل مقام المراقبة، قال ابن القيم : «والمراقبة هي التعبد باسمه الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير، فمن


(١) جامع العلوم والحكم، لابن رجب (١/ ١٢٦).
(٢) ينظر: تفسير السعدي (ص: ٦٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>