للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (المحسن) على التوحيد]

من تأمل في اسم الله (المحسن) وما فيه من الإحسان إلى الخلق بخلقهم، وتربيتهم بما أدرَّ عليهم من النعم الظاهرة والباطنة؛ علم أن من كان كذلك هو الإله الذي لا تنبغي الألوهية إلا له، ولا تصلح الربوبية لغيره، قال تَعَالَى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٦٤) هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٤ - ٦٥]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ [الصافات: ١٢٥]، فكيف يسوَّى بين الله المحسن وبين صنم لا يضر، ولا ينفع، ولا يخلق، ولا يرزق، بل لا يأكل ولا يتكلم؟ فما هذا إلا من أعظم الضلال والسفه والغي؟! (١).

وكما أن اسم الله (المحسن) دال على الربوبية والألوهية، فكذا هو دال على الأسماء والصفات؛ إذ يدل على اسم الله الخالق، العليم، الرزاق، الرحمن، الرحيم، الكريم، الحليم، إلى غير ذلك من أسمائه سُبْحَانَهُ وما فيها من صفات.

[الأثر الثالث: محبة الله المحسن]

إذا تأمل العبد في اسم الله (المحسن) ثم نظر في آثاره عليه، وكيف أنه أحسن إليه بإخرجه من العدم إلى الوجود، وأحسن إليه بكمال الصورة، واعتدال الخلقة وفصاحة اللسان، وسلامة الهيئة من التشوه ونقص الأعضاء،


(١) ينظر: تفسير الطبري (٢١/ ٤١٠)، وتفسير السعدي (ص: ٧٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>