للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لا يمن عليهم به، بل يقال: هذا جزاء أعمالكم التي عملتموها في الدنيا، وهذا أجركم، فأنتم تستوفون أجور أعمالكم لا نمن عليكم بما أعطيناكم، قيل: وهذا- أيضًا- هو الباطل بعينه؛ فإن ذلك الأجر ليست الأعمال ثمنًا له، ولا معاوضةً عنه، وقد قال أعلم الخلق بالله ﷺ: (لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: لَا، وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ) (١)؛ فأخبر أن دخول الجنة برحمة الله وفضله، وذلك محض مِنَّتِهِ عليه، وعلى سائر عباده، وكما أنه سُبْحَانَهُ المانُّ بإرسال رسله، وبالتوفيق لطاعته، وبالإعانة عليها، فهو المانُّ بإعطاء الجزاء، وذلك كله محضُ مِنَّته وفضله وجوده، ولا حق لأحد عليه» (٢).

[الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (المنان)]

[الأثر الأول: إثبات ما يتضمنه اسم الله (المنان) من الصفات]

الله سُبْحَانَهُ هو المنان كثير العطاء، عظيم المواهب، واسع الإحسان، يُدِرُّ العطاء على عباده، ويوالي النعماء عليهم، فلا يبلغون شكرها فضلًا عن إحصائها ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ١٨].

وهو المنان الذي شهدت الخليقة كلها برها وفاجرها بإحسانه وعظيم نواله، وكريم أياديه، وجميل صنائعه، وسعة رحمته وبِرِّه ولطفِه، وإجابته لدعوات المضطرين، وكشف كربات المكروبين، وإغاثة الملهوفين، ودفع المحن والبلايا بعد انعقاد أسبابها، وصرفِها بعد وقوعها، ولطفِه تَعَالَى في ذلك


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٥٦٧٣).
(٢) التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم (ص: ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>