للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ما لا تبلغه الآمال، كل ذلك تفضلًا منه وتكرمًا ﴿فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [الحجرات: ٨] لا طلبًا لأجر أو رزقًا، قال تَعَالَى: ﴿مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾ [الذاريات: ٥٧] (١).

وهو المنَّان المحسن إلى العباد والمنعم عليهم من غير أن يطلب الجزاء على إحسانه إليهم، بل من عظيم إحسانه أوجب لعباده حقًّا عليه، منةً منه وتكرمًا إن هم وحدوه في العبادة ولم يشركوا به شيئًا، فعن معاذ بن جبل ، قال: «كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ- فَقَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّ حَقَّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ» (٢).

وهو المنَّان الذي يمن على عباده بما أعطى وأولى،، له المنة ولا منَّة لأحد عليه، المنان على الإطلاق، قال القرطبي : «فيجب على كل مسلم أن يعلمَ أن لا منَّانَ على الإطلاق إلَّا الله وحده، الذي يبدأ بالنَّوال قبل السؤال» (٣).


(١) طريق الهجرتين وباب السعادتين، لابن القيم، (ص: ١٣٢)، وفقه الأسماء الحسنى، للبدر، (ص: ٣٤٣).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (١٥٢).
(٣) تفسير القرطبي (١٦/ ٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>