للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: الثقة بنصر الله لدينه]

من علم أن الله هو «الظاهر» الغالب؛ علم أنه ناصر لدينه على جميع الأديان بعز عزيز أو بذل ذليل، يقول تَعَالَى: ﴿وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ [التوبة: ٣٢]، ويقول تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣].

فأهل هذا الدين منصورون غالبون عالون، ويتفاوت نصرهم وعلوهم بقدر ما معهم من الإيمان قولًا وعلمًا وعملًا ظاهرًا وباطنًا، فمن نقص إيمانه نقص نصيبه من النصر والتأييد، يقول الله تَعَالَى: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: ١٣٩].

وقد أطال ابن القيم ﵀ في ذكر الحكمة من ظهور الكفار في بعض الأحيان، وذكر أصولًا كثيرة، منها:

« .... الأصل الثاني: أن ما يصيب المؤمنين في الله تَعَالَى مقرون بالرضا والاحتساب، فإن فاتهم الرضا فمعولهم على الصبر، وعلى الاحتساب، وذلك يخفف عنهم ثقل البلاء ومؤنته؛ فإنهم كلما شاهدوا العوض هان عليهم تحمل المشاق والبلاء، والكفار لا رضا عندهم ولا احتساب، وإن صبروا فكصبر البهائم، وقد نبه تَعَالَى على ذلك في قوله: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [النساء: ١٠٤]؛ فاشتركوا في الألم، وامتاز المؤمنون برجاء الأجر والزلفى من الله تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>