في معرفته ببواطن الأمور وخفاياها مع علوه سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ [ق: ١٦].
فهو سُبْحَانَهُ المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، ويعلم أحواله، وما يسره، ويوسوس في صدره، فهو أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان (١).
فـ «الظاهر» سُبْحَانَهُ هو المدرك بالعقول والدلائل الدالة عليه، والأفعال المؤدية إلى العلم به ومعرفته، وهو الباطن سُبْحَانَهُ غير المشاهد، كسائر الأشياء المشاهدة في الدنيا تَعَالَى الله عزوجل عن ذلك علوًّا كبيرًا، يظهر ويتجلى لبصائر المتفكرين، ويحتجب عن أبصار الناظرين، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٠٣].
ومن آمن باسمي الله «الظاهر» و «الباطن»؛ تعلق قلبه بالله، وشهد وجود الله محيطًا به في كل لحظة من لحظات حياته، وأخلص له في توحيده بألوهيته وربوبيته، حتى يصل لمقام الإحسان، فيعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإن الله يراه.
وكما أن اسمي الله «الظاهر» و «الباطن» دالان على الربوبية والألوهية، فكذا هما دالان على الأسماء والصفات؛ إذ يدلان على اسم الله العليم، والمحيط، والقدير، والعلي، والقريب، إلى غير ذلك من أسمائه سُبْحَانَهُ وما فيها من صفات.