والأعظم من ذلك كله: سلامه عليهم بنفسه سُبْحَانَهُ، قال تَعَالَى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٤]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨].
«وإذا سلَّم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدًا، فلولا أن الله تَعَالَى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك»(١).
[الأثر الرابع: محبة الله السلام]
إذا تعرَّف العبد على اسم الله السلام وجد فيه معنيين، كل واحد منهما كفيل بأن يملأ القلب حبًّا لله ﷿، وهما:
الأول: ما فيه من الكمال والجلال والسلامة من كل عيب ونقص؛ وقد جبلت النفوس على محبة من له الكمال.
الثاني: إحسانه إلى العبد بالتسليم من الشرور والمخاوف؛ وقد جبلت النفوس- أيضًا- على محبة من أحسن إليها.
فإذا تأمل العبد هذا ولاحظ آثاره؛ قاده ذلك إلى محبة الله ﷿ التي تورث القلب حلاوة الإيمان، ويحصل بها النعيم الدنيوي الحقيقي الذي يصغر بجانبه كل نعيم.