للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن هنا يظهر خطأ من جعل التوحيد ليس إلا الإقرار بتوحيد الربوبية وأن الله خلق كل شيء، وظن بذلك أنه حقق التوحيد وأثبت لا إله إلا الله، مفسرًا لها بالقدرة على الاختراع، أو نحو ذلك.

ولو كان هذا هو التوحيد الذي يدخل المرء به للإسلام؛ لكان مشركوا العرب الذي قاتلهم رسول الله مؤمنين مسلمين؛ لإقرارهم أن الله هو الخالق الرازق، المحيي المميت، المتصرف في هذا العالم، قال : ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: ٨٤ - ٨٩]. (٢)

فتوحيد الربوبية وإن كان ركنًا من أركان التوحيد والإيمان بالله إلا أنه لا يحصل به وحده التوحيد الواجب، ولا يخلص صاحبه بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر؛ بل لا بد أن يخلص لله الدين، فلا يعبد إلا إياه، فيكون دينه كله لله (٣).

[الأثر الثالث: التوكل على فاطر السماوات والأرض]

إذا تأمل العبد في اسم الله فاطر السموات والأرض وعظيم فطرها لهما؛ أيقن قوته وعظيم قدرته، وعلم أنه لا يعجزه شيء، يقول تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤]، وأن حاجته ومطلبه مهما عظم لن يعجز فاطر السموات والأرض،


(٢) ينظر: التوحيد وبيان العقيدة السلفية النقية، لعبد الله بن حميد (ص ١٧ - ٢٠).
(٣) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (٢/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>