للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن رأفته سُبْحَانَهُ: حفظه لعباده في سمعهم وأبصارهم وحركاتهم وسكناتهم، كما ورد عند البخاري من حديث أبى هريرة أن النبي قال في الحديث القدسي: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، … » (١)، وهذا منتهى الرأفة بالصادقين.

ومن رأفتهسُبْحَانَهُ: أنه أخبر عباده بما سيلاقونه في يوم القيامة، حيث تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا، وهذا الإخبار من رأفته؛ حتى يستعد الناس لذلك اليوم: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: ٣٠].

وحري بمن عرف اسم الله الرؤوف وآمن به أن يوحده سُبْحَانَهُ بألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، ويستغني به عن خلقه، فيسأله وحده رأفته ورحمته.

[الأثر الثاني: محبة الله الرؤوف]

حينما يفكر العبد وينظر في مظاهر رأفة الله ﷿ بعباده، والتي لا تعد ولا تحصى؛ فإن هذا يثمر تجريد المحبة لله تَعَالَى والعبودية الصادقة له سُبْحَانَهُ، وتقديم محبته ﷿ على النفس، والأهل، والمال، والناس جميعًا، والمسارعة إلى مرضاته، والدعوة إلى توحيده، والجهاد في سبيله، وفعل كل


(١) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (٦٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>