للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن رأفته تَعَالَى: توبته على عباده، وأنه يقبل توبة التائبين، ولا يرد عن بابه العاصين المنيبين مهما كثرت سيئاتهم، وتعاظمت خطيئاتهم ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١١٧] (١)، فهو يفتح لهم باب التوبة ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ» (٢)، وعن أبي موسى الأشعري أن النبي قال: «إِنَّ اللهَ ﷿ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» (٣).

ومن رأفتهسُبْحَانَهُ: تسخيره المخلوقات لخدمتنا، كالجمال والخيول والبغال والحمير قديمًا، والسيارات والطائرات حديثًا: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ٧]، ففي الأنعام دفء من الجلود والأصواف والأوبار والأشعار، ومنافع في هذه وفي اللبن واللحم وغير ذلك، وفي حمل الأثقال إلى البلد البعيد الذي لا يبلغونه إلا بشق الأنفس، وفيها كذلك جمال عند الإراحة في المساء وعند السرح في الصباح، والتعقيب بقوله تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [النحل: ٧] توجيه إلى ما في خلق الأنعام من نعمة، وما في هذه النعمة من رحمة.


(١) للاستزادة: يرجع لأسماء الله (الرحمن الرحيم، اللطيف، الرفيق).
(٢) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٠٣).
(٣) أخرجه مسلم، رقم الحديث: (٢٧٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>