للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأثر الثاني: دلالة اسم الله (الشكور) على التوحيد]

من تأمل في اسم الله (الشكور) وما فيه من جزيل العطايا والكرم والامتنان الإلهي، علم أن أعظم الشكر هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له؛ لأنه هو الذي خلق وأوجد من العدم، ورزق الإنسان الأرزاق الكثيرة، ولم يشاركه في ذلك أحد، فلا يستحق أحد العبادة معه، ولكن أكثر الناس أعرضوا عن هذه الحقيقة، كما قال تَعَالَى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ﴾ [النمل: ٧٣] وجعلوا له أندادًا، ونسبوا لها الضر والنفع، والتصرف في الأرزاق، ودفع الأمراض، وقضاء الحاجات، وتفريج الكبريات.

فمن الشرك الذي يقع من العباد: نسبتهم ما يحصل لهم من الأرزاق إلى المخلوقين، قال البخاري في صحيحه: باب قول الله تَعَالَى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: ٨٢]، قال ابن عباس : «شُكرَكم» (١).

وروى زيد بن خالد الجهني ، أنه قال: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ، عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ ، أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: «أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ» (٢)، وفي رواية: «ما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إِلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنَ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ، يُنْزِلُ اللهُ الْغَيْثَ


(١) فتح الباري، لابن حجر (٢/ ٥٢٢).
(٢) أخرجه البخاري، رقم الحديث: (١٠٣٨)، ومسلم، رقم الحديث: (٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>