للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، غير متهاون، ولا متكاسل، ولا متثاقل» (١)، ويدل على ذلك قوله تَعَالَى: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢].

الأثر السادس: ذو الجلال يُخاف عقابُه، وذو الإكرام يُرجى ثوابُه:

لا ينال العبد المعرفة إلا إذا عرف ذا الجلال والإكرام؛ لأنه جمع بين الرغبة والرهبة والرجاء والخوف.

فلا نجاة للإنسان حقًّا إلا إذا خاف ورجا؛ لأن الخوف المطلق يسلم إلى اليأس، والرجاء المطلق يسلم إلى التفريط.

وقد حثنا الله سُبْحَانَهُ على أن نخاف ونرجو، فقال تَعَالَى: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة: ١٦] وتدبر قول الله: ﴿خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ أي: جامعين بين الوصفين، خوفًا أن ترد أعمالهم، وطمعًا في قبولها، وخوفًا من عذاب الله (٢).

وفسر بعضهم التقوى بأنها الوقوف بين منزلة الخوف والرجاء، فالمؤمن إذا تذكر جلال الله رهب، وإذا تذكر كرمه طمع ورجا، وهكذا يعيش في مقام الرهبة فيعمل ويجتهد في الطاعة، ويحترز من المعاصي، ويعيش في مقام الرجاء فيأنس ويطمئن قلبه ويأمن.

وفي ذلك يقول الشيخ السعدي عند قوله تَعَالَى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦] «وللذي خاف ربه وقيامه عليه، فترك ما نهى عنه، وفعل ما أمره به، له جنتان من ذهب آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما،


(١) تفسير السعدي (ص: ٥٣٧).
(٢) المصدر السابق (ص: ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>