للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ﴿اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الجاثية: ١٢].

فدلت هذه الآيات على أن النعم تقابل بالشكر، فإذا ما قابلها العبد به جزاه الله بالزيادة منها، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧].

[الأثر السادس: إكرام من شهد الله بتكريمه]

المكرَم من أكرمه الله تَعَالَى بالإيمان والهدى، والمهان من أهانه الله تَعَالَى بالكفر والفسوق والعصيان ولو وجيهًا: ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾ [الحج: ١٨]

فقد جعل الله ميزان الكرامة عنده تقواه، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: ١٣] فهذا هو ميزان الإكرام الحقيقي، وليس الميزان ميزان المال والبنين والجاه والسلطان، التي يوزن الناس بها اليوم، قال الله ﷿: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا﴾ الآية [الفجر: ١٥ - ١٧]، وقال تَعَالَى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].

فمن هداه لله لدينه، وأنعم عليه بطاعته وتقواه فهو الكريم، وحقه أن يكرم كما أكرمه الله -جل وعلا-، فيكرم الرسل وأتباعهم من العلماء والصالحين، ويكرم ذا الشيبة المسلم، وحامل القرآن، والسلطان المقسط، كما جاء في الحديث عن أبي موسى قال: قال رسول الله : «إِنَّ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>