فدلت هذه الآيات على أن النعم تقابل بالشكر، فإذا ما قابلها العبد به جزاه الله بالزيادة منها، كما قال سُبْحَانَهُ:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم: ٧].
[الأثر السادس: إكرام من شهد الله بتكريمه]
المكرَم من أكرمه الله تَعَالَى بالإيمان والهدى، والمهان من أهانه الله تَعَالَى بالكفر والفسوق والعصيان ولو وجيهًا:{وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ}[الحج: ١٨]
فقد جعل الله ميزان الكرامة عنده تقواه، كما قال سُبْحَانَهُ:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات: ١٣] فهذا هو ميزان الإكرام الحقيقي، وليس الميزان ميزان المال والبنين والجاه والسلطان، التي يوزن الناس بها اليوم، قال الله -عز وجل-: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (١٦) كَلَّا} الآية [الفجر: ١٥ - ١٧]، وقال تَعَالَى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].
فمن هداه لله لدينه، وأنعم عليه بطاعته وتقواه فهو الكريم، وحقه أن يكرم كما أكرمه الله -جل وعلا-، فيكرم الرسل وأتباعهم من العلماء والصالحين، ويكرم ذا الشيبة المسلم، وحامل القرآن، والسلطان المقسط، كما جاء في الحديث عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ مِنَ