رسول الله ﷺ ذوق طعم الإيمان بمن رضي بالله ربًّا، ولم يعلقه بمن رضي عنه، فجعل الرضى به قرينًا للرضى بدينه ونبيه، وهذه الثلاثة هي أصول الإسلام التي لا يقوم إلا بها وعليها.
الأثر الرابع: التوكل على الربِّ سُبْحَانَهُ:
إذا آمن العبد باسم الله (الرب) وما يدل عليه من اختصاصه بجلب المنافع ودفع المضار، والتكفل بالأرزاق، وتيقن ذلك؛ أورثه التعلق به والتوكل عليه في جلب المصالح، ودفع المساوئ والمخاطر عنه، وفي تصريف جميع أموره، فلا يتعلق إلا باللهتَعَالَى ولا يرجو إلا هو، ولا يخاف إلا منه سُبْحَانَهُ، ولقد قال نبي الله موسى ﵇ وهو في موقف شديد عصيب؛ أدركه فرعون فيه بجبروته وطغيانه وجنوده وعتاده، كما ذكر الله سُبْحَانَهُ: ﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ [الشعراء: ٥٣ - ٥٦] ولا مفر، فالبحر أمامه، وفرعون خلفه، والجبال الشاهقة ترى عن يمينه وشماله، حتى ظن أصحابه أنهم مدركون ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشعراء: ٦١] قال واثقًا بربه متوكلًا عليه: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء: ٦٢].
فكل مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا، فضلًا عن أن يملكه لغيره، فكيف يخاف أو يرجى أو يتعلق بمن هذا حاله؟