للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقاهر والقادر، فعبدالرحمن أحب إليه من عبدالقادر، وعبدالله أحب إليه من عبدربه؛ وهذا لأن التعلق الذي بين العبد وبين ربه إنما هو العبودية المحضة، والتعلق الذي بين الله وبين العبد بالرحمة المحضة، فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده، والغاية التي أوجده لأجلها: أن يتأله له وحده محبةً وخوفًا ورجاءً وإجلالًا وتعظيمًا، فيكون عبدًا لله، وقد عبده لما في اسم (الله) من معنى الإلهية التي يستحيل أن تكون لغيره، ولما غلبت رحمتُه غضبَه، وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب؛ كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر» (١).

الأثر التاسع: تحقيق العبودية التامَّة لله تعالى:

إذا علم العبد معنى اسم (الله) ومافيه من صفات الألوهية؛ خضع له سبحانه، إما بالعبودية العامة أو الخاصة.

العبودية العامة: عبودية الملك والقهر والخضوع للأمر الكوني القدري التي بها تعبد أهل السماوات والأرض كلهم؛ برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، قال تَعَالَى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [الزمر: ٤٦].

وهذه العبودية لا يصير بها العبد مؤمنًا؛ لأنه مجبور مقهور عليها، كما قال سُبْحَانَهُ: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ [آل عمران: ٨٣].


(١) زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم (٢/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>