هذان الاسمان الكريمان يتناسبان مع سياق الآية التي يبين فيها الله سُبْحَانَهُ أن من سنته أن يقيض لكل نبي عدوًّا من المجرمين، ولكن الله سُبْحَانَهُ يتولى أنبياءه بهدايتهم إلى الحق، ونصرتهم على أهل الباطل من المجرمين، فهو سُبْحَانَهُ الذي يتولى أنبياءه وأولياءه بالهداية- بكل معانيها- ونصرتهم بجميع أنواع النصرة، بل إن كل من هداه الله نصره، وصاحب الهداية يتولاه الله، فيكون ناصرًا له.
[الآثار المسلكية للإيمان باسم الله (الغالب، الناصر، النصير)]
الأثرالأول: إثبات ما تتضمنه أسماء الله (الغالب، الناصر، النصير) من صفاته سُبْحَانَهُ، وتحقيق التوحيد له:
فالله سُبْحَانَهُ هو الغالب الناصر على الإطلاق، فكل نصر مطلق هو من عند الله تَعَالَى؛ يقول سُبْحَانَهُ: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٠]،
يقول السعدي ﵀ في تفسيرها: «إن يمددكم الله بنصره ومعونته ﴿فَلَا غَالِبَ لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٦٠]، فلو اجتمع عليكم من في أقطارها، وما عندهم من العَدد والعُدد؛ لأن الله لا مغالب له، وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم، فلا تتحرك دابة إلا بإذنه، ولا تسكن إلا بإذنه، ﴿وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ﴾ ويكلكم إلى أنفسكم ﴿فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ﴾ فلا بد أن تنخذلوا ولو أعانكم جميع الخلق، وفي ضمن ذلك: الأمر بالاستنصار بالله والاعتماد عليه، والبراءة من الحول والقوة، ولهذا قال: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٠]، وتقديم المعمول يؤذن بالحصر، أي: على الله توكلوا لا